
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (2)]
راجعه: حاتم بن عارف الشريف - يحيى بن عبد الله الثمالي
وتصرَّفَ في ترتيب الفُصولِ، وأعاد صياغة عناوينها، فكتبها بقلمه وإنشائه، كما تصرَّفَ في طريقة العَزْوِ إلى مُخرجي الحديث بالتقديم والتأخير، ونحو ذلك.
ومن البدهيِّ أنَّ مثل هذا العمل لا يُعَدُّ شرحًا بحالٍ، وإن كان إلى التهذيب ما هو، وقد تقدَّمت الإشارة إلى وهم حاجي خليفة حين ظنّ كتاب ابن القيِّم هذا شرحًا لكتاب شيخه ابن تيمية.
قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله: "غير أن في إطلاقه (يعني: حاجي خليفة) اسم الشرح على كتاب ابن القيّم نظرًا كبيرًا، بل لا يصحُّ ذلك عندي؛ لأمرين: الأول: أنه ليس شرحًا بالمعنى المتبادر من هذا اللفظ "الشرح".
والآخر: أنه كتاب مستقلّ، غير أنه ضمَّنه جُلَّ فصول كتاب شيخه هذا. . ." (1) .
ومن الأمور الملاحَظَة في منهج المصنِّف في الكتاب: 2 - أن المصنف رحمه الله تعالى أورد في كتابه أحاديث ضعافًا في بعض الأحيان، كما أورد في أحيانٍ أخرى بضعة أحاديث شديدة الضعف، أشار إلى ضعف بعضها وأعرض عن بعض، على طريقة أهل الحديث في التساهل في مرويَّات الرِّقاق وفضائل الأعمال (2) .
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وبه نستعين هذه رسالة كتبها شيخنا الإمام العالم الحَبْر العلّامة شيخ الإسلام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد، المعروف بابن قيم الجوزية، تغمده الله برحمته، إلى بعض إخوانه، وسمّاها "الكلم الطيب والعمل الصالح"، وهي كما سمّاها (1).
قال: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللهُ سبحانه وتعالى المسئُول (2) المرجوُّ الإجابة أن يتولاكم في الدنيا والآخرة، وأن يُسْبِغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنةً (3)، وأن يجعلكم ممن إذا أنْعَم الله عليه شكر، وإذا ابْتُلِيَ صبر، وإذا أذنب استغفر؛ فإن هذه الأمور الثلاثة هي عُنوان سعادة العبد، وعلامة فلاحه في دنياه وأخراه، ولا يَنْفَكُّ عبدٌ عنها أبدًا، فإنّ العبد دائمًا يتقلَّبُ بين هذه الأطباق الثلاث.
نِعَمٌ من الله تعالى تترادف عليه، فَقَيْدُها الشكر، وهو مبنيّ على ثلاثة أركان: الاعتراف بها باطنًا، والتحدث بها ظاهرًا، وتصريفها في مرضاة