
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (2)]
راجعه: حاتم بن عارف الشريف - يحيى بن عبد الله الثمالي
آثَارُ الإِمَامِ ابْنِ قَيّم الجَوْزِيَّةَ وَمَا لَحِقَهَا مِنْ أَعْمَالٍ (2)
الوَابِلُ الصَّيِّبُ وَرَافِعُ الكَلِمِ الطَّيِّبِ
تَأليف الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْر بْنِ أَيُّوب ابْنِ قَيِّمِ الجَوْزِيَّةِ (691 هـ - 751 هـ)
تَحْقِيق عَبْد الرّحْمَنِ بْن حَسَن بْن قَائِد
إِشْرَاف بَكْر بْن عَبْدِ اللهِ أَبُو زَيْد
دَارُ عَطَاءَاتِ العِلْم - دار ابن حزم
التي استنارت بالنور الذي أنزله على رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (1) ، والملائكةُ الذين خلقوا من نور، كما في "صحيح مسلم" عن عائشة رضي الله عنها عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "خُلِقَت الملائكة مِنْ نُورٍ، وخُلِقَتِ الشَّياطينُ مِنْ نارٍ، وخُلِق آدمُ مِمَّا وُصِفَ لكم" (2) .
فلما كانت مادة الملائكة من نورٍ كانوا هم الذين يَعْرُجُون إلى ربهم تبارك وتعالى، وكذلك أرواح المؤمنين هي التي تعرج إلى ربها وَقْتَ قبضِ الملائكة لها، فيُفْتَح لها باب السماء الدنيا، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، إلى أن يُنْتَهَى بها إلى السماء السابعة، فتُوقَفُ بين يدي الله عز وجل، ثم يأمر أن يكتب كتابه في أهل عِلِّيِّين (3) .
فلما كانت هذه الروح روحًا زاكية طيبة نيِّرة مشرقة صعدت إلى الله عز وجل مع الملائكة.
وأما الروح المظلمة الخبيثة الكدرة فإنها لا تفتح لها أبواب السماء، ولا تصعد إلى الله تعالى، بل تُرَدُّ من السماء الدنيا إلى عالَمها وعُنْصُرِها؛ لأنها أرضية سُفْلِيّة، والأولى عُلْوِيّة سماوية، فرجعت كل روح إلى عنصرها وما هي منه، وهذا مُبَيَّنٌ في حديث البراء بن عازب الطويل الذي رواه الإمام أحمد، وأبو عوانة الإسفراييني في "صحيحه"، والحاكم،