[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (2)]
راجعه: حاتم بن عارف الشريف - يحيى بن عبد الله الثمالي
آثَارُ الإِمَامِ ابْنِ قَيّم الجَوْزِيَّةَ وَمَا لَحِقَهَا مِنْ أَعْمَالٍ (2)
الوَابِلُ الصَّيِّبُ وَرَافِعُ الكَلِمِ الطَّيِّبِ
تَأليف الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْر بْنِ أَيُّوب ابْنِ قَيِّمِ الجَوْزِيَّةِ (691 هـ - 751 هـ)
تَحْقِيق عَبْد الرّحْمَنِ بْن حَسَن بْن قَائِد
إِشْرَاف بَكْر بْن عَبْدِ اللهِ أَبُو زَيْد
دَارُ عَطَاءَاتِ العِلْم - دار ابن حزم
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: "إنّ في الدنيا جَنَّةً من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة".
وقال لي مرة: "ما يصنع أعدائى بي؟!، أنا جنتي وبستاني في صدري، أين رُحْتُ فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة" (1) .
وكان يقول في محبسه بالقلعة: "لو بذلت لهم (2) ملء هذه القلعة ذهبًا ما عدل عندي شكر هذه النعمة"، أو قال: "ما جزيتهم على ما تسبَّبوا لي فيه من الخير"، ونحو هذا.
وكان يقول في سجوده وهو محبوس: "اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" ما شاء الله.
وقال لي مرة: "المحبوس من حُبِس قلبه عن ربه تعالى، والمأسور من أسره هواه".
ولما أُدخِل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) } [الحديد: 13].
وعَلِمَ اللهُ ما رأيت أحدًا أطيب عيشًا منه قط، مع ما كان فيه من ضيق العيش، وخلاف الرفاهية والنعيم، بل ضِدِّها، ومع ما كان فيه من الحبس