"يا عائشةُ! إن الأنصار ناس فيهم غزل، فما قلتِ؟ "، قالت: دعونا بالبركة ثم انصرفوا، قال: "أفلا قلتم: أتيناكم أتيناكم ... فحيُّونا نُحيِّيكم ولولا الذهبُ الأحمـ ... ـرُ ما حلت بَواديكم ولولا الحبَّة السمرا ... ءُ لم تَسمَنْ عَذارِيكم"
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٢٧)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي، عبد الرحمن بن حسن بن قائد
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٤٤٧
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة الطبعة الجديدة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فقد كنتُ حققت هذا الكتاب ونُشر ضمن مشروع آثار الإمام ابن قيم الجوزية سنة 1432 بالاعتماد على نسخة واحدة كانت معروفة آنذاك، وهي نسخة الإسكوريال، ونبَّهتُ على الخرم الموجود فيها بين الورقتين 123 و 124 لعدم اتصال الكلام بينهما. ثم اكتشف الأستاذ إبراهيم بن عبد العزيز اليحيى (المفهرس في مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض) نسخة أخرى من الكتاب في المكتبة برقم 955/ 2، وكتب بذلك في ملتقى أهل الحديث سنة 1434. وهذه النسخة الجديدة تُكمل النقص المشار إليه، وتبيّن لنا أنه خرم كبير يبلغ 15 ورقة (الورقة 124 - 139).
ولما اطلعت على مصورة نسخة الرياض وقابلت بينها وبين طبعتي ظهرت لي أمور أُجملها فيما يلي: أولًا: أنني كنت اجتهدتُ فزدت بعض الزيادات بين معكوفتين في طبعتي ليستقيم السياق، فوجدتُ جُلَّها في نسخة الرياض.
ثانيًا: أنني كنت صححتُ كثيرًا من الأخطاء والتحريفات الموجودة في نسخة الإسكوريال بالنظر إلى السياق والمعنى، فوجدتها كما صوَّبتُها في نسخة الرياض غالبًا، فالحمد لله على ذلك.
سعيد، حدثنا أبو عَقيل عن بُهيَّة عن عائشة قالت: كانت عندنا يتيمةٌ من الأنصار، فزوَّجناها رجلًا من الأنصار، فكنت فيمن أهداها إلى زوجها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"يا عائشةُ! إن الأنصار ناس فيهم غزل، فما قلتِ؟ "، قالت: دعونا بالبركة ثم انصرفوا، قال: "أفلا قلتم: أتيناكم أتيناكم ... فحيُّونا نُحيِّيكم ولولا الذهبُ الأحمـ ... ـرُ ما حلت بَواديكم ولولا الحبَّة السمرا ... ءُ لم تَسمَنْ عَذارِيكم"
فهذا وأمثاله الذي أذن فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لم يأذن في تلك المصائب والدواهي، ومن كذَب عليه متعمدًا فليتبوأ مقعدَه (1) من النار. والاستدلال بهذه القصة وأمثالها على حلِّ هذه [25 أ] العظائم المعلوم قبحُها بالفطَرِ السليمة والعقولِ الصحيحة، يُشبِه الاستدلالَ على حل الخمر والمسكر بأكل قبضةٍ من تمر أو زبيب، ويشرب فوقها شربة من ماء، فإذا ضمّ أحدهما إلى الآخر في الإناء حتى أسكر ثم شربه، كان كضمِّه هذا إلى هذا في بطنه! وعقولٌ هذا (2) مبلغها من العلم والمعرفة، حقيقٌ بمن (3) نصح نفسَه، وخاف مقام ربه، وتزود ليوم معاده، وعلم أنه موقوفٌ بين يدي الله ومسؤول، أن لا يَعبأَ بها شيئًا (4) وأن لا يَغترَّ بها وبأهلها.