{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)} [ق: 37]
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 300
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
837) المخطوط في دار الكتب الظاهرية بدمشق برقم [567] (المجلد 39، الورقة 145 أ - 200 ب)، وقد عنون له ابن عروة بقوله: "فوائد شتى ونكت حسان من تفسير آية أو حديث أو أثر سلفي، تتعلق بعلم التوحيد القولي العلمي والعملي الإرادي". ثم قال: "وهي من كلام الشيخ الإمام العالم العلامة مفتي المسلمين بحر العلوم أبي عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزُّرعي الشهير بابن قيم الجوزية". ثم قال: "وهي غير بدائع الفوائد له، وهي إما فائدة تعود إلى معرفة أو سلوك، أو تحذير من قاطع، أو تنبيه على مقصود". ومعنى ذلك أن هذا الكتاب لم يكن له عنوانٌ محدَّد، وإلا ذكره ابن عروة، ولم يقل: "فوائد شتى ونكت حسان ... ". وقد نقل عنه السيوطي في موضعين من "قوت المغتذي على جامع الترمذي" (2/ 610، 817)، وسماه في الموضع الأول: "نكت شتى وفوائد حسان"، وفي الموضع الثاني: "فوائد شتى ونكت حسان"، فكأنه اعتمد على نسخة ابن عروة. ولما نشره محمد منير الدمشقي اختصر عنوان ابن عروة وسمَّى الكتاب "الفوائد"، ولا غبار عليه فإنه مطابق لمحتوياته، ولذا أبقيناه نظرًا لشهرته لدى القراء والباحثين. ثم إن ذكره الصريح للإمام ابن القيم يقطع الشك في صحة نسبته إليه، وابنُ عروة من أعرف الناس بآثار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وقد احتفظ لنا بنصوصٍ كثيرة منها وفرَّقها في مواضع مختلفة من موسوعته "الكواكب الدراري" لأدنى مناسبة، وبعض هذه الآثار لم تصل إلينا إلّا من
[بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ]
قاعدة جليلة
إذا أردتَ الانتفاعَ بالقرآن فاجمعْ قلبك عند تلاوته وسماعه، وألْقِ سمعَك، واحضُرْ حُضورَ من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه؛ فإنه خطابٌ منه لك على لسان رسوله:
قال تعالى:
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)} [ق: 37]
وذلك أنَّ تمام التأثير لمَّا كان موقوفًا على مُؤثِّرٍ مُقْتَضٍ، ومحلٍّ قابل، وشرطٍ لحصول الأثرِ، وانتفاء المانع الذي يمنعُ منه، تضمَّنَتِ الآيةُ بيانَ ذلك كلِّه بأوجز لفظٍ وأبينِهِ وأدلِّه على المُراد.
فقولُه: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى}: إشارةٌ إلى ما تقدَّمَ من أول السورةِ إلى ها هنا، وهذا هو المؤثِّرُ.
وقولُه: {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ}: فهذا هو المحلُّ القابلُ، والمرادُ به القلبُ الحيُّ الذي يَعْقِلُ عن الله؛ كما قال تعالى:
{إِنْ هُوَ إلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا} [يس: 69 - 70]؛ أي: حيَّ القلبِ.
وقوله: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ}، أي: وجَّه سمعَه وأصغَى حاسَّةَ سمعِهِ إلى ما يُقال له، وهذا شرطُ التأثُّر بالكلام.
وقوله: {وَهُوَ شَهِيدٌ (37)}، أي: شاهدُ القلبِ حاضرٌ غيرُ غائبٍ. قال ابن قتيبة (1): استمعَ كتاب الله، وهو شاهدُ القلب والفهم، ليس