{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)} [ق: 37]
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 300
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مضى. ثم بدأ كلام المؤلف بقوله: "قاعدة جليلة" دون أن يسبقه البسملة والحمد والمقدمة. وكأن المؤلف لم يفرغ من جمعه وترتيبه والتقديم له، ولذلك لم يرد له ذكرٌ في مصادر ترجمته، ولو لم يُدرِجه ابن عروة في موسوعته لضاع فيما ضاع من تراث ابن القيم. • الطبعات السابقة للكتاب: صدرت أول طبعة للكتاب في المطبعة المنيرية بالقاهرة سنة 1344 بعناية الشيخ محمد منير الدمشقي رحمه الله، وقد صرَّح فيها أنه اعتمد على نسخة "الكواكب". وعلى الرغم مما بذل الناشر من جهد مشكور في قراءة النص وتقديمه، فقد وقعت في هذه الطبعة أخطاء وتحريفات، وسقطت كلمات وأسطر في مواضع كثيرة، وزيدت على النص زيادات دون التنبيه عليها مع عدم الحاجة إليها. وأُلحق به نصٌّ لشيخ الإسلام ابن تيمية في تفسير أول العنكبوت (ص 207 - 212) دون الإشارة إلى أنه زيادة على كتاب ابن القيم. والواقع أنه نصٌّ خارج عن الكتاب، ولكنه موجود في مكان آخر من "الكواكب الدراري" [الورقة 205 أ- 207 أ] من النسخة السابقة. ولشدة حرص الناشر على طبع آثار شيخ الإسلام وغيره من علماء السلف ضمن "مجموعة الرسائل المنيرية" وغيرها، استنسخ هذه الرسالة وطبعها ملحقةً بكتاب "الفوائد" من باب الحفظ والإفادة، دون تمييزها عن أصل الكتاب، حتى توهَّم القراء والباحثون أنها جزء منه. ولا أحبّ الخوض في ذكر الأخطاء والتحريفات والأسقاط والزيادات الموجودة في تلك الطبعة، ومن أراد معرفة ذلك فليقم بالمقابلة بينها وبين الطبعة التي بين يديه، أو بينها وبين الأصل ليعرف مدى الفرق بينهما.
[بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ]
قاعدة جليلة
إذا أردتَ الانتفاعَ بالقرآن فاجمعْ قلبك عند تلاوته وسماعه، وألْقِ سمعَك، واحضُرْ حُضورَ من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه؛ فإنه خطابٌ منه لك على لسان رسوله:
قال تعالى:
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)} [ق: 37]
وذلك أنَّ تمام التأثير لمَّا كان موقوفًا على مُؤثِّرٍ مُقْتَضٍ، ومحلٍّ قابل، وشرطٍ لحصول الأثرِ، وانتفاء المانع الذي يمنعُ منه، تضمَّنَتِ الآيةُ بيانَ ذلك كلِّه بأوجز لفظٍ وأبينِهِ وأدلِّه على المُراد.
فقولُه: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى}: إشارةٌ إلى ما تقدَّمَ من أول السورةِ إلى ها هنا، وهذا هو المؤثِّرُ.
وقولُه: {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ}: فهذا هو المحلُّ القابلُ، والمرادُ به القلبُ الحيُّ الذي يَعْقِلُ عن الله؛ كما قال تعالى:
{إِنْ هُوَ إلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا} [يس: 69 - 70]؛ أي: حيَّ القلبِ.
وقوله: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ}، أي: وجَّه سمعَه وأصغَى حاسَّةَ سمعِهِ إلى ما يُقال له، وهذا شرطُ التأثُّر بالكلام.
وقوله: {وَهُوَ شَهِيدٌ (37)}، أي: شاهدُ القلبِ حاضرٌ غيرُ غائبٍ. قال ابن قتيبة (1): استمعَ كتاب الله، وهو شاهدُ القلب والفهم، ليس