{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيهِ النُّشُورُ (15)} [الملك: 15]
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 300
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الكتاب: الفوائد [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)] المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) المحقق: محمد عزير شمس راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت) الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم) عدد الصفحات: 300 قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18) الفوائد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق محمد عزير شمس إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وكذلك كلُّ من بَشَّرَهُ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بالجنة أو أخبره بأنَّه مغفورٌ له؛ لم يَفْهَمْ منه هو ولا غيرُه من الصحابة إطلاق الذنوب والمعاصي له ومُسامَحتَهُ بترك الواجبات، بل كان هؤلاء أشدَّ اجتهادًا وحذرًا وخوفًا بعد البشارة منهم قبلَها؛ كالعشرةِ المشهودِ لهم بالجنة، وقد كان الصدِّيقُ شديد الحذَر والمخافةِ، وكذلك عمرُ؛ فإنَّهم علموا أن البشارة المطلقة مقيَّدةٌ بشروطها والاستمرار عليها إلى الموت، ومقيَّدةٌ بانتفاءِ موانِعها، ولم يَفهمْ أحدٌ منهم من ذلك الإطلاقَ والإذنَ فيما شاؤوا من الأعمال. فائدة جليلة قوله تعالى:
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيهِ النُّشُورُ (15)} [الملك: 15]
. أخبر سبحانه أنه جعل الأرض ذلولًا مُنقادةً للوطءِ عليها وحَفْرِها وشَقِّها والبناءِ عليها، ولم يجعلها مستصعبةً ممتنعةً على من أراد ذلك منها. وأخْبَرَ سبحانه أنَّه جعلها مهادًا وفراشًا وبساطًا وقرارًا وكفاتًا. وأخْبَرَ أنَّه دحاها وطحاها وأخرج منها ماءها ومرعاها، وثبَّتَها بالجبال، ونهج فيها الفجاج والطُّرُقَ، وأجرى فيها الأنهار والعيون، وبارك فيها وقدَّرَ فيها أقواتها. ومن بركتِها أنَّ الحيوانات كلَّها وأرزاقها وأقواتها تخرُجُ منها، ومن بركتها أنك تُودِعُ فيها الحَبَّ فتُخرِجه لك أضعافَ أضعافِ ما كان، ومن بركتها أنَّها تحملُ الأذى على ظهرها، وتُخْرِجُ لك من بطنها أحسن الأشياء وأنفعها؛ فتُوارِي منه كلَّ قبيح وتخرجُ له كلَّ مليح. ومن بركتها أنها تَسْتُرُ قبائحَ العبدِ وفَضَلاتِ بدنِهِ وتُواريها، وتضمُّه وتُؤويه، وتُخرجُ له طعامه وشرابه؛ فهي أحملُ شيءٍ للأذى وأعودُه بالنفع. فلا كان من الترابِ خيرٌ منه وأبعدُ من الأذى وأقربُ إلى