[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 300
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الكتاب: الفوائد [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)] المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) المحقق: محمد عزير شمس راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت) الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم) عدد الصفحات: 300 قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18) الفوائد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق محمد عزير شمس إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
قال بشر بن الحارث: أهل الآخرة ثلاثةٌ: عابدٌ وزاهدٌ وصديقٌ؛ فالعابدُ يعبد الله مع العلائق، والزاهد يعبده على ترك العلائق، والصديق يعبده على الرضى والموافقة: إن أراه أَخْذَ الدُّنيا أخذَها، وإن أراه تَرْكَها تَرَكها. إذا كان الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- في جانب؛ فاحذَرْ أن تكون من الجانب الآخر؛ فإن ذلك يُفضِي إلى المشاقَّة والمحادَّة، وهذا أصلها، ومنه اشتقاقها؛ فإن المشاقة أن يكون في شقٍّ ومن يخالفه في شقٍّ، والمحادَّة أن يكون في حدٍّ وهو في حدٍّ. ولا تَستسهِلْ هذا؛ فإن مبادئه تَجُرُّ إلى غايته، وقليلُه يدعو إلى كثيره! وكن في الجانب الذي فيه الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وإن كان الناسُ كلُّهم في الجانب الآخر؛ فإن لذلك عواقبَ هي أحمدُ العواقبِ وأفضلُها، وليس للعبد أنفع من ذلك في دنياه قبل آخرته. وأكثر الخلق إنما يكونون من الجانب الآخر، ولا سيما إذا قَويت الرغبةُ والرهبة؛ فهناك لا تكاد تجد أحدًا في الجانب الذي فيه الله ورسوله، بل يَعدُّه الناس ناقصَ العقل سيئَ الاختيار لنفسه، وربما نسبوه إلى الجنون، وذلك من مواريث أعداء الرُّسل؛ فإنهم نسبوهم إلى الجنون لما كانوا في شقٍّ وجانبٍ والناسُ في شقٍّ وجانب آخر. ولكن من وطَّن نفسَه على ذلك؛ فإنه يحتاج إلى علم راسخ بما جاء به الرسول يكون يقينًا له لا ريبَ عنده فيه، وإلى صبر تام على معاداة من عاداه ولومةِ من لامه، ولا يَتِمُّ له ذلك إلا برغبةٍ قوية في الله والدار الآخرة؛ بحيث تكون الآخرة أحبَّ إليه من الدنيا وآثرَ عنده منها، ويكون الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- أحبَّ إليه مما سواهُما.