الفوائد

الفوائد

3085 3

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)]

المحقق: محمد عزير شمس

راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 300

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

الكتاب: الفوائد [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)] المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) المحقق: محمد عزير شمس راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت) الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم) عدد الصفحات: 300 قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18) الفوائد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق محمد عزير شمس إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 14

وهو بمنزلة من سَلِمَتْ نفسُه من إرادة الشهوات فلم تَخْطُر بقلبه ولم تَدْعُه إليها نفسه؛ بخلاف الفرقة الأولى؛ فإنهم يعرفونها وتميلُ إليها نفوسهم ويجاهدونها على تركها لله.

وقد كتبوا إلى عمر بن الخطاب يسألونه عن هذه المسألة: أيُّهما أفضلُ: رجلٌ لم تَخْطُرْ له الشهواتُ ولم تَمُرَّ بباله، أو رجلٌ نازعتْهُ إليها نفسُه فتركها لله؟ فكتب عمرُ: إنَّ الذي تشتهي نفسه المعاصي ويتركها لله عزَّ وجلَّ من

{الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3) } [الحجرات: 3]

(1) .

وهكذا من عَرف البدعَ والشرك والباطل وطُرُقَهُ؛ فأبغضَها لله، وحَذِرَها، وحَذَّر منها، ودفعها عن نفسه، ولم يَدَعْها تَخْدِشُ وجهَ إيمانه ولا تُورِثُهُ شبهةً ولا شكًّا، بل يزدادُ بمعرفتها بصيرةً في الحقِّ ومحبةً له، وكراهةً لها ونفرةً عنها: أفضلُ ممَّن لا تخطُرُ بباله ولا تَمُرُّ بقلبه؛ فإنَّه كلما مرت بقلبه وتصوَّرتْ له ازداد محبةً للحقِّ ومعرفة بقدره وسُرورًا به، فيَقْوَى إيمانُهُ به؛ كما أن صاحب خواطر الشَّهواتِ والمعاصي كلَّما مرَّت به فرغب عنها إلى ضدِّها؛ ازداد محبَّةً لضدِّها ورغبةً فيه وطلبًا له وحرصًا عليه؛ فما ابتلى الله سبحانه عبدَهُ المؤمنَ بمحبة الشهوات والمعاصي وميلِ نفسِه إليها؛ إلا ليَسُوقَه بها إلى محبَّهِ ما هو أفضلُ منها وخيرٌ له وأنفعُ وأدومُ، وليُجاهِدَ نفسَه على تركها له سبحانه، فتُورِثُه تلك المجاهدةُ الوصولَ إلى المحبوب الأعلى؛ فكلما نازعتْه نفسُه إلى تلك الشهوات واشتدَّت إرادتُه لها وشوقُه إليها؛ صَرَفَ ذلك الشوقَ والإرادة والمحبة إلى النوع العالي الدائم، فكان طلبُه له أشدَّ،

الصفحة

160/ 300

مرحباً بك !
مرحبا بك !