{يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [النحل: 2]
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 300
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الكتاب: الفوائد [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18)] المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) المحقق: محمد عزير شمس راجعه: جديع بن محمد الجديع - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت) الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم) عدد الصفحات: 300 قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (18) الفوائد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق محمد عزير شمس إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
والإرادةِ والحبِّ للحقِّ، وقوةَ البغضِ والكراهةِ للباطل؛ فشعورُه وتمييزُه وحبُّه ونفرتُهُ بحسب نصيبه من هذه الحياة؛ كما أنَّ البدنَ الحيَّ يكونُ شعورُهُ وإحساسُهُ بالنافع والمؤلم أتمَّ، ويكونُ ميلُهُ إلى النافع ونفرتُهُ عن المؤلم أعظمَ؛ فهذا بحسب حياة البدن، وذاك بحسب حياة القلب؛ فإذا بَطلتْ حياتُه بطلَ تمييزُه، وإن كان له نوعُ تمييزٍ لم يكن فيه قوةٌ يُؤثِرُ بها النافعَ على الضَّارِّ.
كما أنَّ الإنسان لا حياةَ له حتى يَنفُخَ فيه الملَكُ -الذي هو رسولُ الله- من روحِه فيصيرَ حيًّا بذلك النفخ وكان قبل ذلك من جملة الأموات، فكذلك (1) لا حياةَ لروحه وقلبه حتى يَنفُخَ فيه الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- من الرُّوح الذي ألْقِي إليه؛ قال تعالى:
{يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [النحل: 2]
، وقال:
{يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [غافر: 15]
، وقال:
{وَكَذَلِكَ أَوْحَينَا إِلَيكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: 52]
؛ فأخبر أَنَّ وحيَهُ روحٌ ونورٌ.
فالحياةُ والاستنارةُ موقوفةٌ على نفخ الرسول المَلَكيِّ [والرسول البشريِّ]؛ فمن أصابه نفخُ الرسول الملكيِّ ونفخُ الرسول البشريِّ حصلتْ له الحياتانِ، ومن حصلَ له نفخُ الملَكِ دون نفخ الرسول حصلتْ له إحدى الحياتين وفاتتْه الأخرى.
قال تعالى:
{أَوَمَنْ كَانَ مَيتًا فَأَحْيَينَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: 122]
، فجَمعَ له بين