[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (17)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 573
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (17) الداء والدواء تأليف: الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر أيوب بن قيم الجوزية (691 - 751) حققه محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
لم يدرك مراتب المحبوب والمكروه على ما هي (1) عليه، وإمّا لضعفٍ في النفس وعجزٍ في القلب لا يطاوعه لإيثار الأصلح له، مع (2) علمه بأنّه الأصلح. فإذا صحّ إدراكه، وقويت نفسه، وتشجّع (3) القلب على إيثار المحبوب الأعلى والمكروه الأدنى، فقد وُفّق لأسباب السعادة. فمن الناس من يكون سلطان شهوته أقوى من سلطان عقله وإيمانه، فيقهر الغالبُ الضعيفَ (4). ومنهم من يكون سلطان إيمانه وعقله أقوى (5) من سلطان شهوته. وإذا كان كثير من المرضى يحميه الطبيب عما يضرّه، فتأبى عليه نفسه وشهوته إلا تناولَه، ويقدّم شهوته على عقله، وتسميه الأطباء "عديم المروءة"؛ فهكذا أكثر مرضى القلوب يؤثرون ما يزيد مرضَهم لقوة شهوتهم له (6). فأصل الشرّ من ضعف الإدراك، وضعف النفس ودناءتها. وأصل الخير من كمال الإدراك، وقوة النفس وشرفها وشجاعتها.
فالحبّ والإرادة أصل كلّ فعل ومبدؤه، والبغض والكراهة أصل كلّ ترك (7) ومبدؤه. وهاتان القوتان في القلب أصل سعادة العبد وشقاوته.