
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (17)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 573
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (17) الداء والدواء تأليف: الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر أيوب بن قيم الجوزية (691 - 751) حققه محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
حوائجهم، وإلى من يسترحمهم ويستعطفهم (1) بالشفاعة، فاحتاجوا إلى الوسائط ضرورةً لحاجتهم، وعجزهم، وضعفهم، وقصور علمهم. فأما القادرُ على كلّ شيء، الغنيُّ بذاته عن كلّ شيء، العالمُ بكل شيء، الرحمنُ الرحيمُ الذي وسعت رحمتُه كلَّ شيء فإدخالُ الوسائط بينه وبيّن خلقه تنقُّصٌ (2) بحقّ ربوبيته، وإلهيته، وتوحيده (3)؛ وظن به ظنَّ السَّوْء. وهذا يستحيل أن يشرعه لعباده، ويمتنع في العقول والفِطَر، وقُبحُه مستقِرّ في العقول السليمة فوقَ كلّ قبيح. ويوضّح هذا أنّ العابد معظِّم لمعبوده، متألِّه له، خاضع ذليل له. والربّ تعالى وحده هو الذي يستحقّ كمال التعظيم والإجلال والتألّه والخضوع والذلّ. وهذا خالص حقّه، فمن أقبح الظلم أن يُعطَى حقُّه (4) لغيره، أو يُشرَك بينه وبينه فيه، ولا سيّما إذا كان الذي جُعِلَ شريكَه في حقّه هو عبده ومملوكه، كما قال تعالى: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [الروم: 28]. أي إذا كان أحدكم يأنف أن يكون مملوكُه شريكَه في رزقه، فكيف تجعلون لي من عبيدي شركاء فيما أنا منفرد (5) به، وهو الإلهية التي لا تنبغي لغيري، ولا تصلح لسواي؟ فمن زعم ذلك فما قدَرني حقَّ قدري،