
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (17)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 573
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (17) الداء والدواء تأليف: الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر أيوب بن قيم الجوزية (691 - 751) حققه محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وقد قال مالك للشافعي (1) لمّا اجتمع به ورأى تلك المخايل (2): إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورًا، فلا تطفئه بظلمة المعصية (3). ولا يزال هذا النور يضعف ويضمحلّ، وظلام المعصية يقوى، حتى يصير القلب في مثل الليل البهيم. فكم من مَهْلكٍ يسقط فيه، وهو لا يبصره (4)، كأعمى خرج بالليل في طريق ذات مهالك ومعاطب. فيا عزّةَ السلامة، ويا سرعةَ العطب! ثم تقوى تلك الظلمات، وتفيض من القلب إلى الجوارح، فيغشى الوجهَ منها سوادٌ (5) بحسب قوتها وتزايدها. فإذا كان عند الموت ظهرت في البرزخ، فامتلأ القبر ظلمةً، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ هذه القبور ممتلئة على أهلها ظلمةً وإنّ الله منوّرها بصلاتي عليهم" (6). فإذا كان يومُ المعاد وحشرِ الأجساد علت الوجوهَ علوًّا ظاهرًا يراه كلُّ أحد، حتّى يصير الوجه أسود مثل الحُمَمة. فيا لها عقوبةً (7) لا توازن لذاتِ الدنيا بأجمعها من أولها إلى آخرها! فكيف بقسط العبد المنغَّص المنكَّد المتعَب في زمن إنّما هو ساعة من حُلْم! فالله المستعان.