أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 518
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
بأن يُوفُوا لهم بعهدهم ما داموا كذلك.
- قومٌ لهم عهودٌ مطلقةٌ غير موقَّتةٍ، فأمرهم أن يَنبِذوا إليهم عهدهم وأن يُؤجِّلوهم أربعة أشهر، فإذا انقضت الأشهر المذكورة حلَّت لهم دماؤهم وأموالهم.
- القسم الثالث: قومٌ لا عهودَ لهم، فمن استأمن منهم حتى يسمع كلام الله أَمَّنه، ثم ردَّه إلى مأمنه، فهؤلاء يُقاتَلون من غير تأجيل.
ومن لم يعرف (1) هذا وظنَّ أنَّ العهود كلَّها كانت مؤجَّلةً، فهو بين أمرين:
أحدهما: أن يقول: يجوز للإمام أن يَنْبِذ إلى كل ذي عهدٍ (2) وإن كان موقَّتًا، فهذا مخالفٌ لنص القرآن بقوله: {إِلَّا اَلَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ اَلْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة: 4]. وقد احتجوا بقوله: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَاَنبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: 59]. والآية حجةٌ عليهم، لأنه إنما أباح نبذ عهدهم إليهم إذا خاف منهم خيانةً، فإذا لم يخَفْ منهم خيانةً لم يَجُز النبذ إليهم، بل مفهوم هذه الآية مطابقٌ لمنطوق تلك.
الأمر الثاني: أن يقول: بل العهد الموقت لازمٌ كما دل عليه الكتاب والسنة، وهو قول جماهير العلماء. فيقال له: فإذا كان كذلك فلِمَ نبذ النبي