أحكام أهل الذمة ج2

أحكام أهل الذمة ج2

5240 2

أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]

تحقيق: نبيل بن نصار السندي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 518

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

الأبوين لأنَّهما الأصل العام الغالب في تربية الأطفال، فإنَّ كلَّ طفلٍ فلا بدَّ له من أبوين، وهما اللذان يربِّيانه مع بقائهما وقدرتهما.

ومما يبيِّن ذلك: قولُه في الحديث الآخر: «كلُّ مولود يُولَد على الفطرة حتى يُعرِب عنه لسانُه، فإمَّا شاكرًا وإمَّا كَفورًا» (1)، فجعله على الفطرة إلى أن يعقل ويميِّز، فحينئذ يَثبُت له أحد الأمرين. ولو كان كافرًا في الباطن بكفر الأبوين لكان ذلك من حين يُولَد قبل أن يُعرِب عنه لسانُه.

وكذلك قوله في حديث عياض بن حمارٍ فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى: «إنَّي خَلقتُ عبادي حُنفاء، فاجتالتهم الشياطين وحرَّمتْ عليهم ما أحللتُ لهم، وأمرتْهم أن يشركوا بي ما لم أُنَزِّلْ به سُلطانًا» (2) = صريحٌ في أنَّهم خُلِقوا على الحنيفية، وأنَّ الشياطين اجتالتْهم وحرَّمتْ عليهم الحلال وأمرتْهم بالشرك. فلو كان الطفل يصير كافرًا في نفس الأمر من حينِ يُولَد، لكونه يتبع أبوَيه في الدِّين، قبل أن يعلِّمه أحدٌ الكفرَ ويلقِّنه إيَّاه= لم يكن الشياطين هم الذين غيَّروهم (3) عن الحنيفية وأمروهم بالشرك، بل كانوا مشركين من حينِ وُلِدوا تبعًا لآبائهم.

ومَنشَأ الاشتباه في هذه المسألة: اشتباهُ أحكام الكفر في الدنيا بأحكام الكفر في الآخرة، فإنَّ أولاد الكفار لمَّا كانت تجري عليهم أحكام الكفر في أمور الدنيا، مثل ثبوت الوِلاية عليهم لآبائهم، وحضانةِ آبائهم لهم، وتمكينِ

الصفحة

183/ 518

مرحباً بك !
مرحبا بك !