
أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 518
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أنه صائرٌ إليه، ومعلومٌ أنَّ جميع المخلوقات بهذه المثابة، فجميع البهائم هي مولودةٌ على ما سَبَق في علم الله لها، والأشجار مخلوقةٌ على ما سبق في علم الله، وحينئذ فيكون كلُّ مخلوقٍ قد خلق على الفطرة.
وأيضًا: فلو كان المراد ذلك لم يكن لقوله: «فأبواه يهودانه وينصرانه» (1) معنًى، فإنَّهما فَعَلا به ما هو الفطرة التي وُلِد عليها. وعلى هذا القول فلا فرق في الفطرة بين التهويد والتنصير وبين تلقين الإسلام، فإنَّ ذلك كلَّه داخلٌ (2) فيما سبق به العلم.
وأيضًا: فتمثيله ذلك بالبهيمة قد وُلدت جمعاء ثم جدعت يبيِّن أن أبويه غيَّرا ما وُلِد عليه.
وأيضًا: فقوله: «على هذه الملة» وقوله: «إني خلقت عبادي حنفاء» (3) مخالفٌ لهذا.
وأيضًا: فلا فرق بين حال الولادة وسائر أحوال الإنسان، فإنَّه مِن حين كان جنينًا إلى ما لا نهاية له من أحواله على ما سبق في عِلم الله، فتخصيص الولادة بكونها على مقتضى القدر تخصيصٌ بغير مخصصٍ.
وقد ثبت في «الصحيح» (4) أنَّه قبل نفخ الروح فيه يُكتَب رزقه، وأجله