أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 518
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وقد روي في أرض مصر أنَّها فُتِحت صُلحًا، وروي أنَّها فتحت عَنوةً، وكلا الأمرين صحيح على ما ذكره العلماء المتأمِّلون (1) للروايات الصحيحة في هذا الباب، فإنَّها فتحت أولًا صُلحًا ثم نقَضَ أهلُها العهد، فبعث عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - يستمِدُّه، فأمدَّه بجيشٍ كثيرٍ فيهم الزبير بن العوام، ففتحها المسلمون الفتح الثاني عنوةً (2). ولهذا روي من وجوهٍ كثيرةٍ أنَّ الزبير سأل عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - أن يقسمها بين الجيش (3)، كما سأله بلالٌ قَسْم الشام (4)، فشاور الصحابة في ذلك فأشار عليه كبراؤهم كعلي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل أن يَحبِسها فيئًا للمسلمين ينتفعُ بفائدتها أوَّلُ المسلمين وآخرُهم (5)، ثم وافق عمرَ على ذلك بعضُ مَن كان خالفه، ومات بعضهم، فاستقرَّ الأمر على ذلك.
فما فتحه المسلمون عَنوةً فقد ملَّكهم الله إياه (6)، كما ملَّكهم ما استولوا عليه من النفوس والأموال والمنقول والعَقار. ويدخل في العقار معابدُ الكفار ومساكنهم وأسواقهم ومزارعهم وسائر منافع الأرض، كما يدخل في المنقول