
أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 518
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وروى عن عكرمة {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اِللَّهِ} قال:] (1) لدين الله.
ثم ذكر عن عكرمة: {فِطْرَتَ اَللَّهِ} قال: الإسلام (2).
وكذلك روى عن قتادة، وسعيد بن جبيرٍ، ومجاهد، والضحاك، وإبراهيم النخعي، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
وروى عن ابن عباس أنَّه سُئِل عن خِصاء البهائم، فكَرِهه وقال: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اِللَّهِ} (3). وكذلك قال عكرمة، ومجاهد في رواية ليث عنه (4).
قال شيخنا (5): ولا منافاة بين القولين عنهما، كما قال تعالى عن الشيطان: {وَلَأمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ اَلْأَنْعَامِ وَلَأمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اَللَّهِ} [النساء: 119]، فتغيير ما خلقَ اللهُ عبادَه عليه من الدين تغييرٌ لدينه، والخصاء وقطع الأذن تغييرٌ لخلقه (6). ولهذا شبَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدهما بالآخر في قوله: «كلُّ مولود يُولَد على الفطرة فأبواه يهوِّدانه وينصِّرانه ويمجِّسانه، كما تُنتَج البهيمة جمعاءَ، هل تحسُّون فيها من جدعاء؟» (7)، فأولئك يغيِّرون