أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 518
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ومنهم مَن فسره بأنَّه تبديل الخلقة بالخصاء ونحوه، ولم يقل أحد منهم إنَّ المراد: لا تبديل لأحوال العباد من إيمانٍ إلى كفرٍ، ولا من كفرٍ إلى إيمانٍ؛ إذ تبديل ذلك موجود، وما وقع فهو الذي سبق به القدَر، والله عالمٌ بما سيكون، لا يقع خلاف معلومه، لكن إذا وقع التبديل كان هو الذي عَلِمه، وإن لم يقع كان عالمًا بأنَّه لا يقع.
وأمَّا قوله: «إن الغلام الذي قتله الخضر طُبِع يومَ طُبِع كافرًا»، فالمراد به: كُتِب وخُتِم، ولفظ «الطبع» لمَّا كان يستعمله كثيرٌ من الناس في الطبيعة التي هي بمعنى الجِبِلَّة والخليقة ظنَّ الظَّانُّ أنَّ هذا مراد الحديث.
وهذا الغلام الذي قتله الخضر يحتمل أنَّه كان بالغًا مكلَّفًا (1) وسُمِّي غلامًا لقرب عهده بالبلوغ، وعلى هذا فلا إشكال فيه. ويحتمل أن يكون مميِّزًا عاقلًا وإن لم يكن بالغًا، وعليه يدل الحديث، وهو قوله: «ولو أدرك لأرهق أبويه» (2)، وعلى هذا فلا يمتنع أن يكون مكلَّفًا في تلك الشريعة إذ اشتراط البلوغ في التكليف إنَّما عُلِم بشريعتنا، ولا يمتنع تكليف المراهق العاقل عقلًا، كيف وقد قال جماعةٌ من العلماء: إنَّ المميِّزين مكلَّفون بالإيمان قبل الاحتلام؟ كما قاله طائفةٌ من أصحاب أبي حنيفة وأحمد، وهو