أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 518
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل
قولهم: (ولا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها في الليل والنهار، وأن نوسِّع أبوابها للمارَّة وابن السبيل).
هذا صريحٌ في أنَّهم لم يملكوا رِقابها كما يملكون دُورهم، إذ لو ملكوا رقابها لم يكن للمسلمين أن ينزلوها إلا برضاهم كدورهم، وإنَّما مُتِّعوها إمتاعًا، وإذا شاء المسلمون نزعوها (1) منهم فإنَّها ملك المسلمين، فإنَّ المسلمين لمَّا ملكوا الأرض لم يستبقوا الكنائس والبِيَع على ملك الكفار، بل دخلت في ملكهم كسائر أجزاء الأرض، فإذا نزلها المارَّة بالليل أو النهار فقد نزلوا في نفس ملكهم.
فإن قيل: فما فائدة الشرط إذا كان الأمر كذلك؟
قيل: فائدته أنَّهم لا يتوهَّمون بإقرارهم فيها أنَّها كسائر دُورِهم ومنازلهم التي لا يجوز دخولها إلَّا بإذنهم.
وممَّا يدلُّ على ذلك أنَّها لو كانت ملكًا لهم لم يجُزْ للمسلمين الصلاة فيها إلا بإذنهم، فإنَّ الصلاة في ملك الغير بغير إذنه ورضاه صلاةٌ في المكان المغصوب وهي حرام، وفي صحَّتها نزاعٌ معروفٌ، وقد صلَّى الصحابة في كنائسهم وبِيَعهم (2).