
أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 518
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
«وما يدريكِ أن الله أكرمه؟»، ثم قال: «أما هو فقد جاءه اليقين، وأنا أرجو له الخير، واللهِ ما أدري وأنا رسول الله ما يُفعل به» (1)، فأنكر عليها جزمَها وشهادتها على غيبٍ لا تعلمه، وأخبر عن نفسه - صلى الله عليه وسلم - أنه يرجو له الخير.
ومن هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن كان أحدكم مادحًا أخاه فليقل: أحسب فلانًا ــ إن كان يرى أنه كذلك ــ ولا أزكي على الله أحدًا» (2).
وقد يقال: إنَّ من ذلك قولَه في حديثٍ لسعد بن أبي وقاصٍ - رضي الله عنه - حين قال له: أعطيتَ فلانًا وتركتَ فلانًا وهو مؤمنٌ، فقال: «أَوْ مسلم» (3)، فأنكر عليه الشهادة له بالإيمان لأنَّه غيبٌ، دون الإسلام، فإنَّه ظاهرٌ.
وإذا كان الأمر هكذا، فيُحمَل قوله لعائشة - رضي الله عنها -: «وما يدريك يا عائشة؟» على هذا المعنى، كأنَّه يقول لها: إذا خلق الله للجنة أهلًا وخلق للنار أهلًا، فما يدريكِ أنَّ ذلك الصبي من هؤلاء أو من هؤلاء؟
وقد يقال: إنَّ أطفال المؤمنين (4) إنَّما حُكِم لهم بالجنة تبعًا لآبائهم لا بطريق الاستقلال، فإذا لم يُقطع للمتبوع بالجنة كيف يقطع لتَبَعه بها؟