أحكام أهل الذمة - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 586
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وأما عمود النسب ففيهم روايتان (1): إحداهما: لا تجب نفقتهم لذلك.
والثانية: تجب لتأكد قرابتهم بالعصبة (2).
وحكى بعض الأصحاب في وجوب نفقة الأقارب مطلقًا مع اختلاف الدين وجهين، وهذه الطريقة أفقه، فإن اختلاف الدين (3) إن منع وجوب الإنفاق منع في سائر الأقارب، وإن لم يكن مانعًا لم يمنع في حق قرابة الكلالة، كالرقّ والغنى. فأما أن يكون مانعًا في قرابةٍ دون قرابةٍ فلا وجه له، ولا يصح التعليل بتأكد القرابة؛ لأن الأخ والأخت أقرب من أولاد البنات.
والذي يقوم عليه الدليل وجوب الإنفاق وإن اختلف الدينان، لقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت: 7]، {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 14]، وليس من الإحسان ولا من المعروف تركُ أبيه وأمه في غاية الضرورة والفاقة، وهو في غاية الغنى. وقد ذمَّ الله تبارك وتعالى قاطعي الرحم، وعظَّم قطيعتها، وأوجب حقّها وإن كانت كافرةً، قال تعالى: