
أحكام أهل الذمة - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 586
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
الله عامٌّ (1) في الكتابي وغيره، خصَّ منه ذبيحة الكتابي فبقيت الآية على عمومها في غيره.
قال الآخرون (2) بل قوله تعالى: {وَطَعَامُ اُلَّذِينَ أُوتُوا اُلْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ} [المائدة: 6]، عامٌّ فيما أهلُّوا به لله وما أهلُّوا به لغيره، خصَّ منه ما أهلَّ به لغيره، فبقي اللفظ على عمومه فيما عداه، قالوا: وهذا أولى لوجوهٍ.
أحدها: أنه قد نصَّ سبحانه على تحريم ما لم يُذكر عليه اسمه، ونهى عن أكله، وأخبر أنه فسقٌ. وهذا تنبيهٌ على أن ما ذُكر عليه اسم غيره أشدُّ تحريمًا وأولى بأن يكون فسقًا.
الثاني: أن قوله: {وَطَعَامُ اُلَّذِينَ أُوتُوا اُلْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ} قد خُصَّ بالإجماع (3)، وأما ما أُهِلَّ به لغير الله فلم يُخصَّ بالإجماع، فكان الأخذ بالعموم الذي لم يُجمَع على تخصيصه أولى من العموم الذي قد أُجمِع على تخصيصه.
الثالث: أن الله سبحانه قال: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: 172]، فحصر التحريم في هذه الأربعة، فإنها محرَّمةٌ في كل ملةٍ، لا تباح بحالٍ إلا عند الضرورة، وبدأ بالأخفِّ تحريمًا ثم بما هو أشدُّ منه، فإن تحريم الميتة دون تحريم الدم، فإنه