
أحكام أهل الذمة - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 586
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وهذا مذهب الشافعي أيضًا. قال الشيخ في "المغني" (1): ولا نعلم فيه خلافًا، وذلك لأنّ ما لا يصح من المسلم الوقفُ عليه لا يصح من الذمي، كالوقف على غير معيَّنٍ.
قال (2): فإن قيل: فقد قلتم: إن أهل الكتاب إذا عقدوا عقودًا فاسدةً وتقابضوا، ثم أسلموا وترافعوا إلينا، لم ننقُضْ ما فعلوه، فكيف أجزتم الرجوعَ فيما وقفوه على كنائسهم؟ قلنا: الوقف ليس بعقد معاوضةٍ، وإنما هو إزالةٌ للمِلْك في الموقوف على وجه القربة، فإذا لم يقع صحيحًا لم يَزُلِ المِلْك، فبقي بحاله كالعتق.
قال: وقد روي عن أحمد (3) في نصراني أشهدَ في وصيته أن غلامه فلانًا يخدم البِيْعة خمس سنين ثم هو حرٌّ، ثم مات مولاه وخدم سنةً ثم أسلم، ما عليه؟ قال: هو حرٌّ، ويرجع على الغلام بأجرة خدمة مبلغ أربع سنين. وروي عنه (4) أنه حرٌّ ساعةَ مات مولاه؛ لأن هذه معصيةٌ.
قال: وهذه الرواية أصح وأوفق لأصوله. ويحتمل أن قوله: "يرجع عليه بخدمة أربع سنين" لم يكن لصحة الوصية، بل لأنه إنما أعتقه بعوضٍ