أحكام أهل الذمة - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 586
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وقد جعل الله سبحانه البنتَ من الرضاعة بنتًا في الحرمة والمَحْرمة، وأجنبيةً في الميراث والإنفاق. وكذلك بنت الزنا عند جمهور الأمة بنتٌ في تحريم النكاح، وليست بنتًا في الميراث. وكذلك جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنَ وليدة زَمْعة (1) أخًا لـ [سودة بنت] زَمْعة في الفراش، وأجنبيًّا في النظر لأجل الشَّبه بعتبة (2). فلا يستحيل أن تكون الشاة مذكَّاةً بالنسبة إلى اللحم والشحم المباح، غيرَ مذكَّاةٍ بالنسبة إلى الشحم المحرَّم.
وأما استدلالكم بقوله تعالى: {وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ} [المائدة: 6]، وأن هذه الشحوم من طعامنا، فلَعمرُ الله إنها من طعامنا إذا ذكّاها المسلم ومن تَحِلُّ له، فأما إذا ذكَّاها من يعتقد تحريمها فليست في هذه الحال من طعامه ولا من طعامنا.
وأما استدلالكم بقول المسيح: {وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ اَلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} [آل عمران: 49]، وبقوله تعالى عن محمد - صلى الله عليه وسلم -: {وَيُحِلُّ لَهُمُ اُلطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمِ اِلْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]، فهذا الإحلال إنما هو لمن آمن بالمسيح وبمحمد نعمةً من الله عليه وكرامةً له، لا لمن أصرَّ على كفره وتكذيبه، وإنما هو لمن التزم الشريعةَ التي جاءت بالحلِّ.