أحكام أهل الذمة - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 586
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} المائدة: 53]، ألا اتخذتَ (1) حنيفًا؟ قال: قلتُ: يا أمير المؤمنين لي كتابتُه وله دِينه، قال: لا أُكرِمهم إذ أهانَهم الله، ولا أُعِزُّهم إذ أَذلَّهم الله، ولا أُدْنِيهم إذ أَقصاهم الله.
وكتب إليه بعض عُمَّاله يستشيره في استعمال الكفار، فقال: إن المال قد كثر، وليس يُحصيه إلا هم، فاكتبْ إلينا بما ترى. فكتب إليه: لا تُدخِلوهم في دينكم، ولا تُسلِّموهم ما منعهم الله منه، ولا تأمنوهم على أموالكم، وتعلَّموا [الكتابة] فإنما هي [حلية] الرجال (2).
وكتب إلى عماله: أما بعد، فإنه من كان قِبَلَه كاتبٌ من المشركين فلا يُعاشره ولا يُؤازِره ولا يجالسه ولا يعتضد برأيه، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر باستعمالهم، ولا خليفته من بعده (3).
وورد عليه كتاب معاوية بن أبي سفيان: أما بعد، يا أمير المؤمنين، فإن في عملي كاتبًا نصرانيًّا لا يَتمُّ أمرُ الخراج إلا به، فكرهتُ أن أقلِّده دونَ أمرك، فكتب إليه: عافانا الله وإياك، قرأتُ كتابك في أمر النصراني، أما بعد، فإن