[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
المبحث الرابع عشر: نُسخ الكتاب الخطية:
لكتاب عدة الصابرين عدة نسخ، توفر لي منها أثناء التحقيق أربع نسخ خطية.
1 - نسخة كوبريلي بتركيا.
عدد أوراقها: 133 لوحة. نسخت عام: 770 هـ. وخطها نسخي جميل مشكول، وكُتبت الأبواب والفصول بالمداد الأحمر، وعلى هوامشها العديد من التصحيحات والاستدراكات وناسخها -كما في نهاية المخطوط- هو: محمد بن محمد بن محمد القرشي الباهي.
وهو: الشيخ الإمام محمد بن محمد بن محمد بن عبد الدائم الباهي المصري، نجم الدين الحنبلي، اشتغل كثيرًا وعني بالتحصيل، ودرّس وأفتى، وكان عين الحنابلة بمصر وأفضلهم فيها وأحقهم في ولاية القضاء، توفي رحمه اللَّه تعالى سنة اثنتين وثمانمائة (1).
وقد أوقف هذه النسخة الوزير أبو الخير، كما هو مختوم عليها في عدة أماكن من الكتاب، وكُتب فيه: "قد وقف هذه النسخة الوزير أبو الخير الحاج أحمد بن الوزير الأعظم الفاضل نعمان بن الوزير الأعظم العلامة الصدر الشهيد مصطفى بن الوزير الأعظم النحرير أبي عبد اللَّه محمد عُرِفَ بكوبريلي أقال اللَّه عثارهم".
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربّ يسّر وأعن
الحمدُ للَّه الصَّبورِ الشَّكورِ العليّ الكبير السميع البصير العليم القدير، الذي شملت قدرتُه كلَّ مقدور، وجَرت مشيئتُه في خلقه بتصاريفِ الأمور، وأَسمعت دعوتُه لليوم الموعود أصحابَ القبورِ، قَدَّرَ مقاديرَ الخلائقِ وآجالَهم، وكتب آثارَهم وأعمالهم، وَقسَّم بينهم معايشَهم وأموالَهم، وخَلَق (1) الموتَ والحياةَ لِيَبلُوَهم أيُّهم أحسنُ عملًا وهوَ العزيزُ الغفورُ، القاهرُ القادرُ، فكلُّ عسيرٍ عليه يَسير، والمولى النَّاصِرُ، فَنِعمَ المولى ونعمَ النَّصيرُ.
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [1] هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [2] خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ [3] يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [التغابن: 1 - 4].
وأشهدُ أن لا إله إلا اللَّه وحدَه لا شريكَ له، إله جلَّ عن الشَّبيه والنظير، وتعالى عن الشَّريكِ والظَّهيرِ، وتقدَّسَ عن تعطيل الملحدين، كما تنزّه عن شَبَهِ المخلوقين، فـ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير [11]} (2) [الشورى: 11].