[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
المبحث التاسع: الثناء على الكتاب:
قال العلامة الصنعاني (ت 1182) في "مختصر عدة الصابرين" (ق 1 - 2) (1): "فإني لما وقفت على كتاب عدّة الصابرين وذخيرة الشاكرين الذي ألفه فارس الحفاظ. . . = رأيتُ كتابًا لم يُنْسَج على منواله، ولا سَمحت القرائح بمثاله، قد بثّ فيه من درر الفوائد ما يحيّر الناظر، ومن كنوز الشوارد ما يغني البصائر، فهو جدير بأن يُصان في الأجفان وأن تكتحل بفوائده عيون الأذهان، حقيقٌ بقول مؤلفه في ديباجته مثنيًا عليه: فجاء كتابًا حاويًا نافعًا. . . " وذكر كلام المصنف إلى آخره.
ثم قال: "وقد كنت قلت عند الوقوف على محاسن ما فيه:
عُدّة الصابرين إن نابَ خطبٌ ... وزمان الفتى كثير الخطوب
جمعت في غضونها كل معنًى ... فهي نعم الجليس للمكروبِ
كم بها من فوائدٍ فاغتنمها ... فنكات العلوم كنز القلوب
فارتشفها ثم اقتطف من رُباها ... وتضمّخ بعطرها والطيب
ثم سرّح أجفان فكرك إن كنـ ... ــت فتًى ناظرًا بفكر اللبيب
تلقَ فيها دواءَ جهلك بالصبـ ... ــر وبالشكر من حكيم طبيب
واضعًا للهِناء في موضع النقـ ... ـــب مزيلًا للبس والتنقيب
جالبًا للتحقيق في كل فنٍّ ... فتغنّم من ذلك المجلوب
يا له من مؤلف حاز علمًا ... وأتانا بكل معنى غريب
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربّ يسّر وأعن
الحمدُ للَّه الصَّبورِ الشَّكورِ العليّ الكبير السميع البصير العليم القدير، الذي شملت قدرتُه كلَّ مقدور، وجَرت مشيئتُه في خلقه بتصاريفِ الأمور، وأَسمعت دعوتُه لليوم الموعود أصحابَ القبورِ، قَدَّرَ مقاديرَ الخلائقِ وآجالَهم، وكتب آثارَهم وأعمالهم، وَقسَّم بينهم معايشَهم وأموالَهم، وخَلَق (1) الموتَ والحياةَ لِيَبلُوَهم أيُّهم أحسنُ عملًا وهوَ العزيزُ الغفورُ، القاهرُ القادرُ، فكلُّ عسيرٍ عليه يَسير، والمولى النَّاصِرُ، فَنِعمَ المولى ونعمَ النَّصيرُ.
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [1] هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [2] خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ [3] يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [التغابن: 1 - 4].
وأشهدُ أن لا إله إلا اللَّه وحدَه لا شريكَ له، إله جلَّ عن الشَّبيه والنظير، وتعالى عن الشَّريكِ والظَّهيرِ، وتقدَّسَ عن تعطيل الملحدين، كما تنزّه عن شَبَهِ المخلوقين، فـ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير [11]} (2) [الشورى: 11].