
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
ومحبته والتوكل عليه والإنابة إليه، فمتعلقها ذات الرب تعالى وأسماؤه وصفاته، ومتعلَّق المنهيات ذوات الأشياء المنهي عنها، والفرق من أعظم ما يكون.
الثالث: أن ضرورة العبد وحاجته إلى فعل المأمور أعظم من ضرورته إلى ترك المحظور، فإنه ليس إلى شيء أضرَّ وأحوجَ وأشدَّ فاقةً منه إلى معرفة ربه وتوحيده وإخلاص العمل له وإفراده بالعبودية والمحبة والطاعة. وضرورته إلى ذلك أعظم من ضرورته إلى نفَسِه ونَفْسِه وحياتِه، وأعظم من ضرورته إلى غذائه الذي به قوام بدنه، بل هذا لقلبه وروحه (1) كالحياة والغذاء لبدنه، وهو إنما هو إنسان بروحه وقلبه لا ببدنه وقالبه، كما قيل:
يا خادمَ الجسم كم تشقى بخدمته ... أتطلب الربح فيما فيه خسران؟
اجهد لنفسك فاستكمل فضائلها ... فأنت بالنَّفْسِ لا بالجِسمِ إنسان (2)
وترك المنهي إنما شُرع له تحصيلًا لهذا الأمر الذي هو أضرُّ شيء وأحوجه وأفقره إليه.
الرابع: أن ترك المنهي من باب الحِمْية، وفعل المأمور من باب حفظِ القوة والغذاء الذي (3) لا تقوم البُنْية بدونه، ولا تحصل الحياة إلا به، فقد يعيش الإنسانُ (4) مع ترك الحمية وإن كان بدنه عليلًا أشد ما