[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وقال يحيى بن معاذ الرازي: "الدنيا خمر الشيطان، من سكر منها فلا يفيق إلا في عسكر الموتى نادمًا (1) بين الخاسرين" (2).
وأقل ما في حبها أنه يُلهي عن حب اللَّه وذكره، ومن ألهاه ماله عن ذكر اللَّه فهو من الخاسرين. وإذا لهى القلب عن ذكر اللَّه سكنه الشيطان وصرفه حيث أراد، ومن فقهه في الشرّ أنه يرضيه ببعض أعمال الخير ليريه أنه يعمل فيها الخير وقد تعبد لها قلبه، فأين يقع ما يفعله من البر مع تعبده لها وقد لعنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ودعا عليه فقال: "لُعِنَ عبد الدينار والدرهم" (3)؟!
وقال: "تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، إن أعطي رضي، وإن منع سخط" (4). وهذا تفسير منه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبيان لعبوديتها.
وقد عُرضت الدنيا على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بحذافيرها، وتعرضت له فدفع في صدرها باليدين، وردّها على عقبيها.
ثم عرضت بعده على أصحابه وتعرضت لهم، فمنهم من سلك سبيله ودفعها عنه وهم القليل، ومنهم من استعرضها وقال: ما فيك؟