عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

4950 3

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]

المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)

المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 549

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 56

وتبيّن معنى الذي بدا لهم والذي كانوا يخفونه. والحامل لهم على قولهم: {يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ}، فالقوم كانوا يعلمون في الدنيا أنهم على باطل وأن الرسل صدقوهم فيما بلّغوهم عن اللَّه، وتيقنوا ذلك وتحققوه ولكنهم أخفوه ولم يظهروه بينهم بل تواصوا بكتمانه.

فلم يكن الحامل لهم على تمنّي الرجوع والإيمان معرفة ما لم يكونوا يعرفونه من صدق الرسل، فإنهم كانوا يعلمون ذلك ويخفونه، فظهر لهم يوم القيامة ما كانوا ينطوون عليه من علمهم أنهم على الباطل وأن الرسل على الحق، فعاينوا ذلك عيانًا بعد أن كانوا يكتمونه ويخفونه، فلو ردّوا لما سمحت نفوسهم بالإيمان، ولعادوا إلى الكفر والتكذيب، فإنهم لم يتمنوا الأيمان لعلمهم يومئذ أنه هو الحق وأن الشرك باطل، وإنما تمنوه لما عاينوا العذاب الذي لا طاقة لهم باحتماله.

وهذا كمن كان يُخفي محبة (1) شخص ومعاشرته وهو يعلم أن حبه باطل وأن الرشد في عدوله عنه، فقيل له: إن اطلع عليك قيّمه (2) عاقبك. وهو يعلم ذلك ويكابر، ويقول: بل محبته ومعاشرته هي الصواب، فلما أخذه وليّه ليعاقبه على ذلك، وتيقن العقوبة تمنى أن يعفى من العقوبة، وأنه لا يجتمع به بعد ذلك، وفي قلبه من محبته والحرص على معاشرته ما يحمله على المعاودة بعد معاينة العقوبة بل بعد أن مسّته وأنهكته، فظهر له عند العقوبة ما كان يخفي من معرفته بخطئه وصواب من نهاه عنه ولو ردّ لعاد لما نُهي عنه.

الصفحة

358/ 549

مرحباً بك !
مرحبا بك !