
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
والتقوى مبنية على أصلين: الصبر والشكر، وكل من الغني والفقير لا بد له منهما، فمن كان صبرُه وشكرُه أتمّ كان أفضل.
فإن قيل: فإذا كان صبر الفقير أتمّ وشكر الغني أتمّ فأيهما أفضل؟
قيل: أفضلهما أتقاهما للَّه في وظيفته ومقتضى حاله، ولا يصح التفضيل بغير هذا ألبتة، فإن الغني قد يكون أتقى للَّه في شكره من الفقير في صبره، وقد يكون الفقير أتقى للَّه في صبره من الغني في شكره، فلا يصح أن يقال: هذا بِغِناه أفضل ولا هذا بفقره أفضل.
ولا يصح أن يقال: هذا بالشكر أفضل من هذا بالصبر، ولا بالعكس، لأنهما مطيّتان للإيمان لا بد منهما، بل الواجب أن يقال: أقومهما بالواجب والمندوب هو الأفضل، فإن التفضيل تابع لهذين الأمرين، كما قال تعالى في الأثر الإلهي: "وما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبه" (1).
فأيّ الرجلين كان أقوم بالواجبات وأكثر نوافل كان أفضل.
فإن قيل: فقد ثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "يدخل فقراء أمّتي الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم، وذلك خمسمائة عام" (2).