
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
بالزهر في طيب رائحته وحسن منظره وقلة مقامه، وأن وراءه ثمر خير (1) منه وأبقى.
وقوله: "إن مما ينبت (2) الربيع ما يقتل حبطًا أو يلمّ" هذا من أحسن التمثيل المتضمن للتحذير من الدنيا والانهماك عليها والشّرَهِ (3) فيها، وذلك أن الماشية يروقها نبت الربيع، فتأكل منه بأعينها، فربما هلكت حبطًا.
و"الحَبَط" انتفاخ بطن الدّابة من الامتلاء أو من المرض، يُقال: حبط الرجل والدابة تحبط حبطًا إذا أصابه ذلك.
ولما أصاب الحارث بن مازن بن عمرو بن تميم ذلك في سفر فمات حبطًا؛ فنسب إليه الحَبَطي؛ كما يقال: السلمي.
فكذلك الشّرِه في المال يقتله شرهه وحرصه، فإن لم يقتله قارب أن يقتله، وهو قوله: "أو يلم". وكثير من أرباب الأموال إنما قتلتهم (4) أموالهم، فإنهم شرهوا في جمعها، واحتاج إليها غيرُهم فلم يصلوا إليها إلا بقتلهم، أو ما يقاربه من إذلالهم وقهرهم.
وقوله: "إلا آكلة الخضر" هذا تمثيل لمن أخذ من الدنيا حاجته، مثّله بالشاة الآكلة من الخضر بمقدار حاجتها، أكلت حتى إذا امتلأت خاصرتاها، وفي لفظ آخر: "امتدت خاصرتاها"، وإنما تمتد من امتلائها