عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

7225 3

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]

المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)

المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 549

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 56

وتوقف بعضهم في الجزيرة ينظر إلى أزهارها وأنوارها (1) العجيبة، ويسمع نغمات طيورها، ويعجبه حسن أحجارها، ثم حدّثته نفسه بفوت السفينة وسرعة مرورها وخطر ذهابها، فرجع فلم يصادف إلا مكانًا ضيقًا فجلس فيه.

وأكبّ بعضهم على تلك الحجارة المستحسنة والأزهار الفائقة فحمل منها حِمْلَه، فلما جاء لم يجد في السفينة إلا مكانًا ضيّقًا، وزاده ما حَمَلَه ضيقًا، فصار محموله ثقلًا عليه ووبالًا، ولم يقدر على نبذه، بل لم يجد من حمله بدًّا ولم يجد له في السفينة موضعًا، فحمله على عنقه وندم على أخذه فلم تنفعه الندامة، ثم ذبلت الأزهار وتغيّرت رائحتها وآذاه نتنها.

وتولّج بعضهم في تلك الغياض (2) ونسي السفينة وأبعد في نزهته، حتى إن الملّاح نادى بالناس عند دفع السفينة فلم يبلغه صوته لاشتغاله بملاهيه، فهو تارة يتناول من الثمر، وتارة يشمّ تلك الأنوار، وتارة يُعجب من حسن الأشجار، وهو على ذلك خائف من سبع يخرج عليه، غير منفك من شوك يتشبّث بثيابه ويدخل في قدميه، أو غصن يجرح بدنه، أو عوسج (3) يخرق ثيابه ويهتك عورته، أو صوت هائل يفزعه.

ثم من هؤلاء من لحق السفينة ولم يبقَ فيها موضع فمات على الساحل، ومنهم من شغله لهوه فافترسته السباع ونهشته الحيّات، ومنهم

الصفحة

447/ 549

مرحباً بك !
مرحبا بك !