[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
قالت: فيَّ الحلال والشبهة والمكروه والحرام، فقالوا: هاتِ حلالك ولا حاجة لنا فيما عداه فأخذوا حلالها.
ثم تعرضت لمن بعدهم فطلبوا حلالها وحده فقالت: قد ذهب به من قبلكم. فأخذوا مكروهها وشبهها.
ثم تعرضت لمن بعدهم فطلبوا حلالها فلم يجدوه، فطلبوا شُبَهَهَا ومكروهها، فقالت: قد أخذه من كان من قبلكم، قالوا: فهاتِ حرامك فأخذوه. فطلبه من بعدهم، فقالت: هو في أيدي الظلمة، قد استأثروا به عليكم، فتحيلوا على تحصيله منهم بالرغبة والرهبة، فلا يمد فاجر يده إلى شيء من الحرام إلا وجد أفجر منه وأقوى قد سبقه إليه.
هذا وكلهم ضيوف وما بأيديهم عارية، كما قال ابن مسعود: "ما أصبح أحد في الدنيا إلا ضيف وماله عارية، فالضيف مرتحل، والعارية مؤداة" (1).
قالوا: وإنما كان حب الدنيا رأس الخطايا، ومفسدًا للدين من وجوه:
أحدها: أن حبها يقتضي تعظيمها، وهي حقيرة عند اللَّه، ومن أظهر (2) الذنوب تعظيم ما حقّر اللَّه.
وثانيها: أن اللَّه تعالى لعنها ومقتها وأبغضها إلا ما كان له فيها، ومن