
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
قالوا: وهاهنا قضيتان صادقتان بهما يتبين الفضل:
إحداهما: أن الأقلِّين هم الأكثرون يوم القيامة.
والثانية: أن الأكثرين هم الأقلون.
أما الأولى: فقد تقدم الدليل عليها بما فيه كفاية.
وأما الثانية: ففي "الصحيحين" من حديث أبي ذر قال: خرجت ليلة من الليالي فإذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يمشي وحده ليس معه إنسان، قال: فظننت أنه يكره أن يمشي معه أحد قال: فجعلت أمشي في ظل القمر فالتفت فرآني فقال: "من هذا؟ " قلت: أبو ذر جعلني اللَّه فداك. قال: "يا أبا ذر! تعالَ". فمشيت معه ساعة فقال: "إن الأكثرين هم المقلون يوم القيامة، إلا من أعطاه اللَّه خيرًا فنفخ فيه يمينه وشماله وبين يديه ووراءه وعمل فيه خيرًا" وذكر الحديث (1).
قالوا: ولو كان الغنى أفضل من الفقر لما حضّ اللَّه رسوله على الزهد في الدنيا والإعراض عنها، وذم الحرص عليها والرغبة فيها، بل كان ينبغي أن يحضّ عليها وعلى اكتسابها والاستكثار منها، كما حض على اكتساب الفضائل التي بها كمال العبد من العلم والعمل، فلما حضّ على الزهد فيها والتقلّل دلّ على أن الزاهدين فيها المتقلّلين منها أفضل الطائفتين.
وقد أخبر أنها لو ساوت عند اللَّه جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة ماء (2). وأنها أهون على اللَّه من السخلة الميتة على