[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15) عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق إسماعيل بن غازي مرحبا إشراف بكر بن عبد الله أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
قال الشافعي: "لو فكر الناس كلهم في هذه الآية لوسعتهم" (1).
وذلك أن العبد كماله في تكميل قوّتيه: قوة العلم وقوة العمل، وهما الإيمان والعمل الصالح. وكما هو محتاج إلى تكميل نفسه، فهو محتاج إلى تكميل غيره، وهو التواصي بالحق، والتواصي بالصبر، وآخية ذلك وقاعدته وساقه الذي يقوم عليه إنما هو الصبر.
الحادي والعشرون: أنه سبحانه خص أهل الميمنة بأنهم أهل الصبر والرحمة الذين قامت بهم هاتان الخصلتان، ووصوا بهما غيرَهم، فقال تعالى: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18)} [البلد: 17، 18].
وهذا حصر لأصحاب الميمنةِ فيمن قام به هذان الوصفان، والناس بالنسبة إليهما أربعة أقسام، [هؤلاء خير الأقسام] (2) وشرّهم من لا صبر له ولا رحمة، ويليه من له صبر ولا رحمة عنده، ويليه القسم الرابع وهو من له رحمة ورقة ولكن لا صبر له.
الثاني والعشرون: أنه قرن الصبر بأركان الإسلام ومقامات الإيمان كلها: فقرنه بالصلاة، كقوله: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45]. وقرنه بالأعمال الصالحة عمومًا؛ كقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [هود: 11]. وجعله قرين التقوى، كقوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ