
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 485
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وبينه. فأخذت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حميَّة (1)، فدعا بركانة وإخوته، ثم قال لجلسائه: «أترون أن فلانًا يُشبِه (2) منه كذا وكذا من عبد يزيد، وفلانًا منه كذا وكذا؟». قالوا: نعم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد يزيد: «طلِّقْها». ففعل، فقال: «راجِعْ امرأتَك أمَّ ركانة وإخوتِه». فقال: إني طلقتها ثلاثًا يا رسول الله. قال: «قد علمتُ، راجِعْها». وتلا {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] (3). قال أبو داود (4): حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عبد الرزاق، فذكره.
فهذه طريقة أخرى متابعة لابن إسحاق. والذي يخاف من ابن إسحاق التدليس، وقد قال: «حدَّثني». وهذا مذهبه. وبه أفتى ابن عباس في إحدى الروايتين عنه. صحَّ عنه ذلك، وصحَّ عنه إمضاء الثلاث موافقة لعمر - رضي الله عنه - (5).
وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أن الثلاث كانت واحدة في عهده، وعهد أبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر - رضي الله عنهما - (6). وغايةُ ما يقدَّر مع بُعده أن الصحابة كانوا على ذلك، ولم يبلغه. وهذا وإن كان كالمستحيل فإنه يدل على أنهم كانوا يفتون في حياته وحياة الصدِّيق بذلك، وقد أفتى هو - صلى الله عليه وسلم - به. فهذه فتواه