أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 485
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فهو كاذبٌ على الله عمدًا {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} [الزمر: 60]، ولا أظلم ممن كذَب على الله وعلى دينه.
وإن أخبروا بما لم يعلموا فقد كذَبوا على الله جهلًا، وإن أصابوا في الباطن، وأخبروا بما لم يأذن الله لهم في الإخبار به. وهم أسوأ حالًا من القاذف إذا رأى الفاحشة وحده، فأخبر بها؛ فإنه كاذب عند الله، وإن أخبر بالواقع، فإن الله لم يأذَن له في الإخبار بها إلا إذا كان رابع أربعة. فإذا (1) كان كاذبًا عند الله في خبر يطابق (2) لمخبره حيث لم يأذن له في الإخبار به، [فكيف بمن أخبر عن حكمه بما لم يعلم] (3) أن الله حكَم به، ولم يأذن له في الإخبار به (4)؟ قال الله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النحل: 116 - 117]. وقال تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ} [الزمر: 32]. والكذبُ على الله يستلزم التكذيبَ بالحق والصدق. وقال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18].