أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 485
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ومن هذا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُنكَح المرأة على عمَّتها، ولا على خالتها؛ فإنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم» (1). فذكر لهم الحكم، ونبَّههم على علة التحريم.
ومن ذلك قوله لأبي النعمان بن بشير وقد خصَّ بعض ولده بغلامٍ نحَلَه إياه، فقال: «أيسرُّك أن يكونوا لك في البِرِّ سواء؟» قال: نعم. قال: «فاتقوا الله واعدِلوا بين أولادكم». وفي لفظ: «إن هذا لا يصلح». وفي لفظ: «إني لا أشهد على جَور». وفي لفظ: «أشهِدْ على هذا غيري» تهديدًا، لا إذنًا، فإنه لا يأذن في الجَور قطعًا. وفي لفظ: «رُدَّه» (2). والمقصود أنه نبَّه (3) على علّة الحكم.
ومن هذا: قوله - صلى الله عليه وسلم - لرافع بن خَديج، وقد قال له: إنَّا لاقو العدوِّ غدًا، [188/أ] وليس معنا مُدًى، أفنذبح بالقَصَب؟ فقال: «ما أنهرَ الدمَ وذُكِر اسمُ الله عليه فكُلْ، ليس السنَّ والظُّفرَ. وسأحدِّثك عن ذلك، أما السنُّ فعَظْم، وأما الظُّفر فمُدَى الحبشة» (4). فنبَّه على علَّة المنع من التذكية بهما، بكون أحدهما عظمًا؛ وهذا تنبيه على عدم التذكية بالعظام، إما لنجاسة بعضها، وإما لتنجيسه على مؤمني الجن؛ ولكون الآخر مُدَى الحبشة، ففي التذكية بها تشبُّهٌ بالكفار.