أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 485
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} (1) [آل عمران: 7] وهؤلاء أهل الجدل والكلام. وأشدُّ ما عرض على الشريعة من هذا الصنف أنهم تأولوا كثيرًا مما ظنُّوه ليس على ظاهره، وقالوا: إن هذا التأويل هو المقصود به، وإنما أمر الله (2) به في صورة المتشابه ابتلاءً لعباده واختبارًا لهم. ونعوذ بالله من هذا الظن بالله، بل نقول: إن كتاب الله العزيز إنما جاء معجِزًا من جهة الوضوح والبيان، فما أبعد (3) من مقصد الشارع مَن قال فيما ليس بمتشابه: إنه متشابه، ثم أوَّل ذلك المتشابه بزعمه، وقال لجميع الناس: إن فرضكم هو اعتقاد هذا التأويل! مثل ما قالوه في آية الاستواء على العرش وغير ذلك مما قالوا: إن ظاهره متشابه.
ثم قال (4): وبالجملة، فأكثر التأويلات التي زعم القائلون بها أنها المقصود من الشرع إذا تُؤُمِّلت وُجِدت ليس يقوم عليها برهان.
إلى أن قال (5): ومثالُ مَن أوَّلَ شيئًا من الشرع وزعم أن ما أوَّله هو الذي قصده الشرعُ مثالُ مَن أتى إلى دواءٍ قد ركَّبه طبيب ماهر، ليحفظ صحة جميع الناس أو الأكثر، فجاء رجل، فلم يلائمه ذلك الدواء الأعظم، لرداءة