
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 485
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وسأله - صلى الله عليه وسلم - بعض الأنصار، فقالوا: قد كان لنا جملٌ نَسْني (1) عليه، وإنه قد استصعَبَ علينا، ومنعنا ظهرَه، وقد عطِش الزرع والنخل. فقال لأصحابه: «قوموا». فقاموا. فدخل الحائط، والجمل في ناحيته، فمشى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - نحوه، فقالت الأنصار: يا نبيَّ الله إنه قد صار مثل الكَلْب الكَلِب، وإنا نخاف عليك صولته، فقال: «ليس عليَّ منه بأس». فلما نظر الجملُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل نحوه حتى خرَّ ساجدًا بين يديه. فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بناصيته أذلَّ ما كان قطُّ حتى أدخَلَه في العمل. فقال له أصحابه (2): يا نبيَّ الله، هذا بهيمة لا تعقل، تسجد لك؛ ونحن نعقل، فنحن أحقُّ أن نسجد لك. قال: «لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر. ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها من عِظَم حقِّه عليها. والذي نفسي بيده، لو كان من قدمه إلى مَفْرِق رأسه يتبجَّس (3) بالقَيح والصديد ثم استقبلته تلحَسُه ما أدَّتْ حقَّه». ذكره أحمد (4).