
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 485
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
لهم قوانين سياسية ينتظم بها مصالح العالم. فتولَّد من تقصير أولئك في الشريعة، وإحداثِ هؤلاء ما أحدثوه من أوضاعِ سياستهم= شرٌّ طويلٌ، وفسادٌ عريضٌ؛ وتفاقم الأمر، وتعذَّر استدراكه. [251/ب] وأفرط فيه طائفة أخرى، فسوَّغت منه ما يناقِضُ حكَم الله ورسوله.
وكلا الطائفتين (1) أُتِيَتْ من قِبل تقصيرها في معرفة ما بعث الله به رسوله. فإن الله أرسل رسله وأنزل كتبه، ليقوم الناس بالقسط، وهو العدل (2)، قامت به السموات والأرض. فإذا ظهرت أمارات الحق، وقامت أدلة العقل، وأسفر صبحه بأيِّ طريق كان؛ فثمَّ (3) شرعُ الله ودينُه ورضاه وأمرُه. والله تعالى لم يحصر طرق العدل وأدلته وأماراته في نوع واحد، وأبطل (4) غيرَه من الطرق التي هي أقوى منه وأدلُّ وأظهر، بل بيَّن بما شرعه من الطرق أن مقصوده إقامة العدل والحق (5)، وقيام الناس بالقسط، فأيُّ طريق استُخْرِج بها الحقُّ ومعرفةُ العدل وجب الحكم بموجبها ومقتضاها. والطرق أسباب ووسائل لا تراد لذواتها، وإنما المراد غاياتها التي هي المقاصد؛ ولكن نبَّه بما شرعه من الطرق على أسبابها وأمثالها. ولن تجد