أعلام الموقعين عن رب العالمين ج4

أعلام الموقعين عن رب العالمين ج4

5108 1

أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]

تحقيق: محمد عزير شمس

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 638

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]



أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

الأنساب وسَقْي الإنسان ماءه زرعَ غيرِه، وفي ذلك من الفساد ما توجب العقول تحريمه لو لم تأت به شريعة، ولهذا فطر الله الناس على استهجانه واستقباحه، ويرون من أعظم الهُجَنِ (1) أن يقوم هذا عن المرأة ويَخلُفه الآخر عليها، ولهذا حرّم نكاح الزانية وأوجب العِدَد والاستبراء، ومن المعلوم قطعًا أن هذه المفسدة لا تزول بالحيلة على إسقاط الاستبراء ولا تَخِفُّ.
وكذلك شرع الحج إلى بيته لأنه قِوامٌ للناس في معاشهم ومعادهم، ولو عُطِّل البيت الحرام عامًا واحدًا عن الحج لما أُمهل الناس، ولعوجلوا بالعقوبة، وتوعّد مَن ملك الزاد والراحلة ولم يحج بالموت على غير الإسلام (2)، ومعلوم أن التحيُّل لإسقاطه لا يُزيل مفسدةَ الترك، ولو أن الناس كلهم تحيَّلوا لترك الحج والزكاة لبطلت فائدة هذين الفرضين العظيمين، وارتفع من الأرض حكمهما بالكلية، وقيل للناس: إن شئتم كلُّكم أن تتحيّلوا لإسقاطهما فافعلوا. فليتصوَّر العبد ما في إسقاطهما من الفساد المضادِّ لشرع الله وإحسانه وحكمته.
وكذلك الحدود جعلها الله سبحانه زواجرَ للنفوس وعقوبةً ونكالًا وتطهيرًا، فشرعها من أعظم مصالح العباد في المعاش والمعاد، بل لا تتمُّ سياسة ملكٍ من ملوك الأرض إلا بزواجرَ وعقوباتٍ لأرباب الجرائم، ومعلوم ما في التحيُّل لإسقاطها من منافاة هذا الغرض وإبطاله، وتسليطِ

الصفحة

83/ 638

مرحباً بك !
مرحبا بك !