
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مال المشتري الذي تلف عليه بالتضمين، وإنما تلف بتسبب الغارّ، وليس هاهنا مباشر يحال عليه الضمان (1).
فإن قيل: فهذا إنما يدل على أنا إذا ضمَّنّا المغرور رجع على الغارّ، لا يدلُّ على تضمين الغار أبدًا (2).
قيل: هذا فيه قولان للسلف والخلف، وقد نصَّ الإمام أحمد - رضي الله عنه - على أن [106/أ] من اشترى أرضًا فبنى فيها أو غرسَ ثم استحقت فللمستحق (3) قلْعُ ذلك، ثم يرجع المشتري على البائع بما نقص. ونصَّ في موضع آخر أنه ليس للمستحق قلْعُه إلا أن يضمن نقصه ثم يرجع به على البائع. وهذا أفقهُ النصَّين وأقربهما إلى العدل؛ فإن المشتري غرس وبنى غِراسًا وبناءً مأذونًا فيه، وليس ظالمًا به، فالعِرق ليس بظالم، فلا يجوز للمستحق قلعه حتى يضمن له نقصه، والبائع هو الذي ظلم المستحق ببيعه ماله وغرَّ المشتري ببنائه وغراسه؛ فإذا أراد المستحق الرجوع في عين ماله ضمن للمغرور ما نقص بقلعه ثم رجع به على الظالم، وكان تضمينه له أولى من تضمين المغرور ثم تمكينه من الرجوع على الغارّ.
ونظير هذه المسألة: لو قبض مغصوبًا من غاصبِه ببيع أو عارية أو إيهابٍ (4) أو إجارة وهو يظن أنه مالك (5) لذلك أو مأذونٌ له فيه، ففيه قولان: