أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
بالرخصة، فإن لم يُبيَّن الردّ عليه عن ذلك الرجل بشدةٍ صحَّت عنه، فاحتجوا فما جاءوا عن أحد برخصة إلا جئناهم بشدة، فلما لم يبقَ في يد أحد منهم إلا عبد الله بن مسعود، وليس احتجاجهم عنه في شدة النبيذ بشيء يصح عنه، إنما يصح عنه أنه لم يُنتبذ له في الجرِّ الأخضر (1).
قال ابن المبارك: فقلت للمحتج عنه في الرخصة: يا أحمق، عُدَّ أنَّ ابن مسعود لو (2) كان هاهنا جالسًا فقال: هو لك حلال، وما وصفنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في الشدة كان ينبغي لك أن تحذر أو تخشى. فقال قائلهم: يا أبا عبد الرحمن، فالنخعي والشعبي ــ وسمَّى عدة معهما ــ كانوا يشربون الحرام (3)، فقلت لهم: دعوا عند المناظرة تسمية الرجال، فربَّ رجل في الإسلام مناقبه كذا وكذا، وعسى أن تكون منه زلَّة، أفيجوز لأحدٍ أن يحتج بها؟ فإن أبيتم فما قولكم في عطاء وطاوس وجابر بن زيد وسعيد بن جبير وعكرمة؟ قالوا: كانوا خيارًا، قلت: فما قولكم في الدرهم بالدرهمين يدًا بيدٍ؟ قالوا: حرام، فقلت: إن هؤلاء رأوه حلالًا، أفماتوا (4) وهم يأكلون الحرام؟ فبُهِتوا وانقطعت حجتهم.
قال ابن المبارك: ولقد أخبرني المعتمر بن سليمان قال: رآني أبي (5)