
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ومثله لو قال: «وقفتُ داري على أولادي أو غيرهم بشرط كونهم فقراء أو مسلمين أو متأهلين، وعلى أنه من مات منهم فنصيبه لولده أو للباقين» صح ذلك، وإن عنَّ له ذكرُ هذه الشروط بعد تلفُّظه بالوقف. ولم يقل أحد: لا (1) تُقبَل منه هذه الشروط إلا أن يكون قد نواها قبل الوقف أو معه، ولم يقع في زمن من الأزمنة سؤالُ الواقفين عن ذلك.
وكذلك لو قال: «له عليَّ مائة درهم إلا عشرة» فإنه يصح الاستثناء وينفعه، ولا يقول له الحاكم: إن كنتَ نويتَ الاستثناء من أول كلامك لزمك تسعون، وإن كنت إنما نويتَه بعد الفراغ لزمك مائة، ولو اختلف الحال لبيَّن له الحاكم ذلك، ولساغَ له أن يسأله بل يحلِّفه أنه نوى ذلك قبل الفراغ إذا طلب المقرُّ له ذلك.
وكذلك لو ادَّعى عليه أنه باعه أرضًا فقال: نعم بعتُه هذه الأرض إلا هذه البقعة، لم يقل أحد: إنه قد أقرَّ ببيع الأرض جميعها إلا أن يكون قد نوى استثناء البقعة في أول كلامه.
وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مكة: «إنه لا يُختلَى خَلاها»، فقال له (2) العباس: إلا الإِذْخِر، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: «إلا الإذْخِر» (3). وقال في أَسْرى بدر: «لا ينفَلِتْ (4) أحدٌ منهم إلا بفداءٍ أو ضربةِ عنقٍ»، فقال له ابن مسعود: