
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
دخل بها، ففعلا، فقال: ليمضِ كلٌّ منكما (1) إلى أهله.
وهذه الحيلة في غاية اللطف؛ فإن المرأة التي دخل بها كلٌّ منهما قد وطئها بشبهة؛ فله أن ينكحها في عدتها؛ فإنه لا يصان ماؤه عن مائه، وأمره أن يطلِّق واحدة فإنه لم يدخل بالتي طلَّقها فالواحدة تُبِينها، ولا عدةَ عليها منه، فللآخر أن يتزوَّجها.
المثال الثامن والخمسون: إذا تزوَّجت المرأة فخافت (2) أن يسافر عنها الزوج ويَدَعها، أو يسافر بها ولا تريد الخروج من دارها، أو أن يتزوَّج عليها أو يتسرَّى، أو يشرب [127/أ] المسكر، أو يضربها من غير جُرمٍ، أو تبيَّن فقيرًا وقد ظنته غنيًّا، أو مَعيبًا وقد ظنته سليمًا، أو أميًّا وقد ظنته قارئًا، أو جاهلًا وقد ظنته عالمًا، ونحو ذلك، فلا يُمكنها التخلُّص؛ فالحيلة لها في ذلك كله أن تشترط عليه أنه متى وُجِد شيء من ذلك فأمرُها بيدها، إن شاءت أقامت معه (3) وإن شاءت فارقتْه، وتُشهِد عليه بذلك. فإن خافتْ أن لا تشترط ذلك بعد لزوم العقد فلا يمكنها إلزامه بالشرط فلا تأذن لوليها أن يزوِّجها منه إلا على هذا الشرط، فيقول: زوَّجتكما على أن أمرها بيدها إن كان الأمر كيت وكيت؛ فمتى كان الأمر كذلك ملكتْ تطليقَ نفسها. ولا بأس بهذه الحيلة، فإن المرأة تتخلص بها من نكاح من لم ترضَ بنكاحه (4)، وتستغني بها عن رفع أمرها إلى الحاكم ليفسخ بالغيبة والإعسار وغيرهما. والله أعلم.