
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
قطُّ، ولعدَّه كل أحدٍ (1) عاصيًا، وإذا تدبَّر العالم في الشريعة أمرَ هذه الحيل لم يخْفَ عليه نسبتُها إليها ومحلُّها منها، والله المستعان.
فصل ومن الحيل الباطلة: لو حلف لا يبيع هذه السلعة بمائة دينار أو ازداد (2) عليها؛ فلم يجد من يشتريها بذلك فليبعها بتسعة وتسعين دينارًا، أو مائة جزء من دينار، أو أقل من ذلك، أو يبِعْها (3) بدراهم تساوي ذلك، أو يبِعْها بتسعين دينارًا ومنديلًا أو ثوبًا ونحو ذلك.
وكل هذه حيل باطلة، فإنها تتضمن نفس مخالفته لما نواه وقصده وعقَدَ قلبه عليه، وإذا كانت يمين الحالف على ما يصدِّقه عليه صاحبه ــ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (4) ــ، فيمينه على ما يعلمه الله من قلبه كائنًا من كان؛ فليقل ما شاء، وليتحيل ما شاء، فليست يمينه إلا على ما علمه الله من قلبه. قال الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225] فأخبر سبحانه أنه (5) إنما يعتبر في الأيمان قصد القلب وكسبه، لا مجرد اللفظ الذي لم يقصده أو لم يقصد معناه؛ على التفسيرين في اللغو، فكيف إذا كان قاصدًا [104/ب] لضدِّ ما تحيَّل عليه؟