
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} [النساء: 98]، أراد بالحيلة التحيُّل على التخلُّص من بين الكفار، وهذه حيلة محمودة يثاب عليها، وكذلك الحيلة على هزيمة الكفار، كما فعل نُعيم بن مسعود يوم الخندق (1)، أو على تخليص ماله منهم كما فعل الحجّاج بن عِلَاط بامرأته (2)، وكذلك الحيلة على قتل رأس من رؤوس أعداء الله كما فعل الذين قتلوا ابن أبي الحُقَيق اليهودي وكعب بن الأشرف وأبا رافع (3) وغيرهم؛ فكل هذه حيل محمودة محبوبة لله ومرضية له.
والحيلة: مشتقة من التحوُّل، وهي النوع والحالة كالجِلسة والقِعدة والرِّكبة، فإنها بالكسر للحالة وبالفتح للمرَّة، كما قيل: الفَعْلة للمرة، والفِعْلة للحالة، والمَفْعل للموضع، والمِفْعل للآلة. وهي من ذوات الواو، فإنها من التحوُّل من حال يحول، وإنما انقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، وهو قلب مَقِيسٌ مطّرد في كلامهم، نحو ميزان وميقات وميعاد؛ فإنها مفعال من الوزن والوقت والوعد. فالحيلة هي نوع [81/أ] مخصوص من التصرف والعمل